تناسب الآيات في سورة الانشراح: دراسة تحليلية دلالية

مستخلص البحث

القرآن يعبر باللغة الرائعة بعقد من عقود الآية المنظومة دليلا على إعجازه. من هنا كان أمران أساسيان عند ما نتحدث عن مزية القرآن من إطار بنية الكلمات وتركيبه بجانب مضمونه. وهما :

ما يتعلق بتركيب الألفاظ وبنيتها من كل آية، التي تظهر منها- تدرجات الدراسات المعاصرة في نظريات الأدب التي تدرس ما يسمي بدراسة الأصوات، والنظام الصرفي وغيرهما، فكل من ذلك تتعلق بنظريات الأصوات وتصنيف الكلمة في العربية. وزد على ذلك ما يتعلق بنغمات في القرآن-إجمالا- لا يندر علينا ما نسميه بعلم العروض والقوافي الذي يدرس تناسب الصوت من الأصوات فيآخركلشعرأونظم.

ما يتعلق بفهم معاني القرآن. ومن ثم نلاحظ دور المفسرين عند ما يواجهون مسائل التأويل في القرآن، وبهذا لهم المنهج. لأن دلالة القرآن تمتاز بالدقة والإحاطة والشمول فمثلا في مباحث علوم القرآن عندما نجد فيه عاما أو مطلقا أو بمجملا ينبغي أن يخصص أو يقيد أو يفصل إلا تم له قي موضع آخر ما ينبغي له من تخصيصه أو تقييد أو تفصيل. ولقد كانت هذه الدلالة الشاملة، فجدير أن توحي إلى علماء وضع المصطلحات خاصة يرمز بكل منها إلى السمة البارزة في كل فكرة يدعو إليها القرآن، وفي كل مشهد يصوره، ومن هنا نشأ في الدراسة الإسلامية ما يسمي بمنطوق القرآن ومفهومه، وعامه وخاصه، ومطلقه ومقيده، ومجمله ومفصله. وعرفت هذه المصطلحات وأمثلها واستعرضت الشواهد الكثيرة الدالة عليها، وتباينت مناهج العلماء في دراستها، فمنهم من يبحثها على أساس تشريعي وهم الأصوليون، ومنهم من يبحثها على أساس منطقي وهم المتكلمون، وآخرون يؤثرون أن ينظروا إلى هذه المصطلحات من خلال الزاوية اللغوية والأدبية ليتتبعوا بلذة وشغف طريقة القرآن في الأداء والتعبير.

أما المصطلحات المعروفة منطوق القرآن ومفهومه، يفصلان أنواع الدلالة القرآنية المستفادة من اللفظ والمستنبطة من المعنى فيشملان النص والظاهر والمؤول وفحوى الخطاب ولحنه، ومعاني الوصف والشرط والحصر وعير ذلك.

والمباحث المتعلقة بالدلالة لا يخلو عما يتعلق بالمعن أي مفهوم المعن من الكلمات المكتوبة، مثلا في أصول الفقه نجد أنواع الدلالة : دلالة العبارة، ودلالة الإشارة، ودلالة النص، ودلالة الإقتضاء، ودلالة المنطوق، ودلالة المفهوم مخالفة كانت أو موافقة. والدالة يقرب بفهم المعنى، وما يدرس عن المعنى في الاصطلاح المعاصر فعلم الدلالة أو Semantiks عند الغرب.

مناسبة بذا البحث بعنوان تناسب الآيات في سورة الانشراح على دراسة تحليلية دلالية، حاول الكاتب أن يحلل المعاني المضمونة في كل آية من تلك السورة مع البحث في تناسب معانيها من الألفاظ في آخر السورة. وأخذ الكاتب يستعمل المعاجم اللغوية وكتب التفسير التي كتبها المفسرون. فأخذ الكاتب التناسب في المعن عند إطار النظريات في علم الدلالة، ولذا

سيأتي البحث عن المعاني وأنواعها، ومعنى السياق contextual Meaning وآنواعه. وم يبحث هنا ما يتعلق ببلاغة الكلام (Style Linguistik). والمهم من هذا البحث أن يبحث ويحلل الكاتب تناسب الآيات نظرا إلى المعنى المضمون في معنى السياق مع وجود المعنى التفسيري في كتب التفسير. ويعتمد الكاتب على كتب التفسير أشهرها في وجوه البلاغية والأدية منها : تفسير ابن كثير، والكشاف، والبحر المحيط، وصفوة التفاسير، وزيد المراغي، وروح البيان، ويؤكد بالكتب اللغوية المعاصرة في نظريات اللغة، رجاء لكشف المعاني المقصودة في هذا البحث.

ثم هذا البحث من الدراسة الوصفية فيستعمل الكاتب المناهج في كتابة هذا البحث طريقة استقرائية وإستنتاجية. ومنهج جمع البيانات هو منهج الوثائق : يأخذ الكاتب كتب التفسير والمعاجم اللغوية والكتب اللغوية والأدب، ويقوم بالتلخيص في تعيين المعاني المقصودة وتناسبها عند كل آية.

وأخيرا ساعتمادا- على تلك الكتب المذكورة، أراد الكاتب من هذا البحث في إدراك المعاني وتناسبها من سورة الانشراح تحقيقا وتحققا في نظريات علم اللغة Linguistik وأن يستطيع في تطبيقها في القرآن باللغة العربية. ثم اعترف الكاتب على أن هذا ليس بشيء وليس له قيمة إذا قورن بالموضوعات الأدية الأخرى. ويقدم الكاتب جزيل الشكر للقارئين عامة والمسؤولية خاصة على التكملة وإتمام هذا البحث.